صناعة السيارات في الجزائر الحلم الدي تحطم على صخور الفساد

كانت صناعة السيارات في الجزائر حلماً طموحاً يهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، الذي يشكل أكثر من 90% من عائدات العملات الأجنبية للبلاد. ومع ذلك، تحول هذا الحلم إلى إخفاق كبير بسبب الفساد وسوء الإدارة وغياب البنية التحتية الصناعية اللازمة.  

بداية المشروع  

بدأت الجزائر في عام 2012 مشروعاً طموحاً لإنتاج سيارات تحمل شعار "صُنع في الجزائر"، بالشراكة مع شركة رينو الفرنسية. وفي عام 2014، تم افتتاح أول مصنع بالقرب من وهران، تلاها إنشاء مصانع أخرى بالتعاون مع شركات مثل هيونداي وفولكسفاغن

أسباب الفشل  

1. الفساد وسوء الإدارة:  

   كانت الفساد العامل الرئيسي في إفشال المشروع. حيث تم منح شركات امتيازات تفضيلية مثل الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية دون الالتزام بكراسة الشروط المتفق عليها.  

2. نظام التجميع (CKD):  

   اعتمدت الجزائر على نظام "أس كي دي" (CKD)، الذي يتمثل في استيراد السيارات بشكل أجزاء مُجمَّعة مسبقاً وتركيبها محلياً. هذا النظام فتح الباب أمام "الاستيراد المقنّع"، حيث كانت السيارات تُستورد شبه كاملة وتُركّب العجلات فقط في الجزائر، مما أدى إلى تحويل الأموال بشكل غير قانوني وتضخيم الأسعار.  

3. غياب الصناعة المرافقة:  

   لم تكن هناك صناعة محلية قادرة على إمداد مصانع التجميع بالأجزاء اللازمة، مما جعل تحقيق نسبة الإدماج المطلوبة (30%) أمراً مستحيلاً.  

4. القرارات الحكومية المتسرعة:  

   أدى قرار حظر استيراد قطع الغيار في عام 2019 إلى توقف الإنتاج وتسريح آلاف العمال، مما زاد من تفاقم الأزمة.  

المحاكمات والإصلاحات  

شهدت الجزائر أول محاكمة فساد كبرى في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث تم سجن رؤساء وزراء سابقين ووزراء ورجال أعمال متورطين في فضائح مصانع التجميع. ووعد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون بإصلاح القطاع، لكن التقدم لا يزال محدوداً حتى الآن.  

مقارنة مع المغرب  

في المقابل، نجح المغرب في تحويل صناعة السيارات إلى محور استراتيجي لاقتصاده، بفضل الامتيازات الضريبية والجمركية التي جذبت استثمارات ضخمة من شركات مثل رينو وبيجو.  

صناعة السيارات في الجزائر كانت حلماً طموحاً تحطم بسبب الفساد وسوء الإدارة وغياب البنية التحتية الصناعية. ومع الإصلاحات الموعودة، لا يزال الطريق طويلاً لتحقيق حلم صناعة سيارات جزائرية حقيقية.  

     بقلم: ابراهيم اشنان